محمد داودية يكتب : فواز الزعبي و الملك الحسين ورجل المخابرات السورية والقناص




الرمثا صفحة - محمد داودية - النائب فواز الزعبي اول من يتصل مع الملك الراحل الحسين من المنصة يبشره بالفوز بالبطولة العربيه 


-1-
في تموز 1997 تلقيت دعوة لحضور الدورة الرياضية العربية الثامنة في بيروت، كضيف شرف، تابعت يوميا لاعبينا في مختلف المسابقات الى ان حانت مسابقة كرة القدم. وصلت فرق الأردن ولبنان وسوريا والكويت الى المربع الذهبي، حمدنا الله اننا لن نلعب مع البلد المضيف لبنان، لعبنا مع منتخب الكويت بتاريخ 23 تموز وخرجنا فائزين بنتيجة 2:3 ولعبت لبنان مع سوريا يوم 24 تموز فخرج المنتخبان متعادلين 2:2 مما اقتضى وقتا إضافيا انتهى لصالح منتخب سوريا بنتيجة 2:3.
ستقع الواقعة اذن بيننا وبين سوريا، التي أَخرجت لبنانَ من المنافسة على المركز الأول، في الفترة الى 27 تموز، موعد المباراة النهائية، اصبح الجمهور اللبناني بكامله منحازا الى الاردن، في الشارع كان اللبنانيون يصرحون بصوت عال او يهمسون بصوت مخنوق: "الله ينصركن عليهن"، كانت القوات السورية تحتل كل لبنان وتضع مفارزَ وحواجزَ تفتيش مسلحةً على كل "مقص" او تقاطع شوارع رئيسية.
يوم الاحد 27 تموز خرجت المخيمات الفلسطينية في لبنان بعشرات المئات لدعم الأردن، تم تسييس المبارة بامتياز، بوضوح كنت تشاهد المجاميع البشرية، اللبنانية والفلسطينية، تتدفق على مدينة كميل شمعون الرياضية وهي تحمل اعلامها مع الاعلام الاردنية، وظهر الجمهور السوري نقطة في بحر الـ 52000 متفرج.
كنت رئيس اللجنة الرياضية التي عينها في تشرين الثاني 1996 مجلس وزراء الشباب العرب للتاكد من جاهزية مدينة كميل شمعون لاستقبال الدورة الرياضية العربية وكنت وقتها وزيرا للشباب، تفحصت اللجنة المنشآت الرياضية وخولتني كتابة التقرير النهائي 
الذي قدمته الى مجلس وزراء الشباب العرب في شباط 1997 وجاء بالطبع إيجابيا.

-2-
في المقصورة المخصصة لكبار الضيوف، في الاستاد، كان عدد من النواب قد جاءوا من الأردن لدعم منتخبهم الوطني، سعد هايل السرور رئيس مجلس النواب آنذاك والنواب عبد الكريم الدغمي ومفلح الرحيمي وفواز الزعبي وصالح ارشيدات من اتحاد كرة القدم وفادي الزريقات، بالطبع حضر الكثير من كبار المسؤولين السوريين.
اوشك الشوط الأول على الانتهاء واللعب سجال بين المنتخبين الشقيقين، سألني سعد هايل رئيس مجلس النواب: شو توقعاتك أبو عمر للمباراة ؟
قلت: سنفوز أبو هايل، سنفوز. واضفت: في الشوط الثاني سيلعب القناص وسيحسمها.
انتصف الشوط الثاني واللعب في منتهى القوة والجمال والإصرار القتالي من الفريقين على الفوز، وبينما نحن في ذروة التوتر، التفت اليّ احد كبار المسؤولين السوريين ويبدو انه قد سمع حديثنا، سعد هايل وانا، وسأل شبه مستهزيء: وينو الأناص وينو الأناص، يقصد القناص؟ بلعت ريقي ولم اجب.
حانت ساعة الحقيقة، ظفر القناص بالكرة فسددها قذيفة هائلة عبرت المرمى من ثغرة ضيقة على يمين حارس المرمى السوري، مسجلا هدفا ولا اجمل، فعلها القناص فعلها. التفت الى الخلف الى حيث المسؤول السوري وقلت: هيو القناص اخي، هيو، بلع ريقه ولم يجب. انقلب الجمهور السوري على فريقه وهاج وماج وحطّم المقاعد البلاستيكية واخذ يقذفها على اللاعبين فاوقف الحكم المباراة في آخر 6 دقائق ثمينة.
-3-
من الاستاد، اتصل فواز الزعبي بالملك الحسين يرحمه الله، وبشّره بالفوز، اتصلت بدوري بالملك وهنأته بالفوز، قال لي بصوته الرخيم، الذي كان يفيض فخرا واعتزازا وحماسة وفرحا: عمان ولّعت! عمان ولّعت! كان اعظم ملوك العرب يقصد ان المواطنين احرقوا سماء عمان برصاص الفرح، كان مغتبطا ولذلك ارسل طائرة خاصة لتقل الفريق الى عمان.
-4-
على الحدود اللبنانية السورية حدق بي طويلا، رجل يجلس متهدلا على كرسي وسط الجزيرة الوسطية، لا يفعل سوى التحديق في وجوه المسافرين وخاصة العابرين الى سوريا، كنا في سيارة مجلس النواب الخاصة بالنائب فواز الزعبي، الدغمي والرحيمي وانا، اطال التحديق بي وانا أحاول ان اجد سببا لهذا التحديق الخاص، قلت لنفسي لعله يتابع التلفزيون الأردني ولفتت نظره احدى كلماتي تحت قبة البرلمان، الى ان "بق البحصة" وقال:
مو انتا تبع الفطبول، قالها بغيظ سيطر عليه بعناء واكمل: ايه، مبروك عليكن، مبروك عليكن.
كان واضحا ان رجل المراقبة يعبّر عن ردة فعل شعبية لا عن ردة فعل خاصة، فالهياج الذي تم في عمان، كان له مكافيء موضوعي، هو الحزن على الخسارة في دمشق.
-5-
الكابتن جريس تادرس، القناص، ذئب الملاعب، لم يتمكن من اجراء مباراة اعتزال تكون لائقة بعطائه وكفاحه الطويل تحت راية وطنه الذي ضن عليه بالتكريم.

شارك الموضوع


الرمثا صفحة جميع الحقوق محفوظة الرمثا صفحة 2014. تصميم وتطوير الرمثا صفحة ~

Scroll to top